تقرير أممي.. تفشي الاتجار بالعمالة المنزلية المهاجرة وسط غياب الحماية

خلال الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان

تقرير أممي.. تفشي الاتجار بالعمالة المنزلية المهاجرة وسط غياب الحماية
مجلس حقوق الإنسان الأممي - أرشيف

كشفت المقررة الخاصة المعنية بالاتجار بالأشخاص، لا سيما النساء والأطفال، شيفان مولالي، عن استمرار تفشي ظاهرة الاتجار بالعمالة المنزلية، خصوصًا النساء، وسط غياب الحماية القانونية والفجوات في إنفاذ القوانين، مؤكدة أن الظروف المحيطة بالعمال المنزليين -لا سيما المهاجرين منهم- تخلق بيئة خصبة للاستغلال والانتهاك، في ظل سياسات وممارسات ترسّخ التمييز والإفلات من العقاب.

جاء ذلك في تقرير موسّع قدمته المقررة الخاصة إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في دورته الـ59، التي تتواصل فعالياتها حتى 11 يوليو المقبل، واطلع «جسور بوست» على نسخة منه.

وسلّط التقرير الضوء على هشاشة أوضاع العمال المنزليين المهاجرين الذين يعانون التمييز والعنصرية والاستغلال، مشيرًا إلى أن النساء يشكّلن الغالبية العظمى من هذه الفئة، وخاصة من الأقليات العرقية، والشعوب الأصلية، والمهاجرات، واللاجئات، وعديمات الجنسية.

وأشارت مولالي، إلى أن النظرة الدونية المتجذرة تاريخيًا تجاه العمل المنزلي، والمتأثرة بخلفيات استعمارية وعنصرية وجندرية، تساهم في استمرار التجاوزات دون مساءلة. كما حذرت من أن العيش داخل منازل أصحاب العمل يعزز العزلة الاجتماعية ويزيد من فرص وقوع الانتهاكات، بما في ذلك الاسترقاق المنزلي والعنف القائم على النوع الاجتماعي.

وبيّن التقرير أن ضعف الإشراف القانوني وانعدام العقود المكتوبة وانخفاض الأجور وغياب أنظمة الحماية الاجتماعية، تجعل العمال المنزليين عرضةً لممارسات استغلالية تصل حد الاتجار بالبشر. وتتفاقم هذه الأخطار بشكل خاص في حالات الهجرة غير النظامية، حيث يخشى العمال المهاجرون من الإبلاغ عن الانتهاكات خوفًا من التوقيف أو الترحيل.

وفي هذا السياق، أوضح التقرير أن ضحايا الاتجار لا يلقون غالبًا حماية بل يُعاقبون، ما يحوّلهم إلى ضحايا مزدوجين: مرة بسبب الانتهاك، وأخرى بسبب المعاملة الرسمية. وشدد على أن هذا النمط يخالف التزامات الدول بموجب الاتفاقات الدولية، ومن أبرزها الاتفاق العالمي من أجل الهجرة الآمنة والمنظمة والنظامية، والذي يدعو إلى تسهيل اللجوء إلى القضاء من دون تعريض الضحايا لخطر العقوبة.

ونوهت المقررة الخاصة بأن التمييز البنيوي يشكل عائقًا كبيرًا أمام تحقيق العدالة، حيث تتقاطع أوضاع الهجرة والجنس والعرق لتنتج طبقة من العمال المنزليين المعزولين والمهمّشين. 

وساقت في التقرير عددًا من الأمثلة القضائية التي تبرز هذه الإشكالات، منها قضية "سيتي عائشة وأخريات ضد الولايات المتحدة"، التي لا تزال تنتظر البت أمام لجنة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، وتُظهر كيف تؤدي الحصانة الدبلوماسية إلى حرمان العاملات المنزليات، خصوصًا من الأقليات، من الوصول إلى العدالة.

كما أشار التقرير إلى قضية "Hacienda Brasil Verde" ضد البرازيل، حيث قضت محكمة البلدان الأمريكية بأن إخفاق الدولة في حماية العمال -ومعظمهم من الفئات الفقيرة والمهمشة- شكّل امتدادًا للتمييز الاقتصادي الهيكلي.

ورغم توقيع بعض الدول لاتفاقات ثنائية لتنظيم الهجرة، كما هي الحال في تجربة بنغلاديش، إلا أن مولالي انتقدت ضعف إنفاذ هذه الاتفاقات، وعدم شمولها لترتيبات آمنة لعودة العمال وضمان عدم الإعادة القسرية أو حرمانهم من الحماية في حال تعرضهم للاتجار.

وأكدت المقررة الخاصة أن تجاهل الأبعاد الجنسانية في هذه السياسات يفاقم من معاناة العاملات المنزليات، خاصة في المناطق الريفية، حيث تندر فرص الحصول على توعية وتدريب قبل السفر.

في ختام تقريرها، شددت شيفان مولالي على "الحاجة الملحة لتعزيز التحقيقات والتعاون الدولي" لمواجهة الاتجار بالعمال المنزليين، داعية إلى تخصيص الموارد والتدريب للسلطات المعنية، واتخاذ إجراءات مراعية للنوع الاجتماعي والصدمات النفسية التي يتعرض لها الضحايا.

وأوضحت أن الإفلات من العقاب لا يزال سائدًا، رغم توفر أدلة موثوقة على انتهاكات واسعة، مؤكدة أن النساء والفتيات هن الأكثر تضررًا من ظروف العمل القسري والاسترقاق المنزلي، وهو ما يتطلب تحركًا عاجلًا من الدول لضمان العدالة والحماية وعدم التمييز.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية